الاثنين، 16 نوفمبر 2009

معبد الحب

أرسل البحر بخيوطه الفضية اللامعة لينير وجه تلك العذراء الجميلة التى جلست على شاطئ البحر فى إحدى ليالى الصيف الرائعة و رفعت رأسها إلى السماء لكى تنظر إلى القمر و تناجيه ..
حتى إنها لم تشعر باقترابى منها و وقوفى خلفها وهى تبثه أشجانها و حزنها على عدم شعور من تحبه بها, و ذلك على الرغم من المحاولات العديدة التى تقوم بها لجذب انتباهه..
بداية من النظرات التى هى أولى خطوات الحب و انتهاءَ بإرسال الورود له وذلك على اختلاف المواقف ..
فإن شعرت بالغيرة أرسلت إليه بوردة صفراء , و إن شعرت بشدة اشتياقى إليه أرسلت إليه بوردة حمراء , و عندما أريد أن أعلن له عن نقاء قلبه و طيبته أرسل إليه بوردة بيضاء..
ثم استرسلت فى مناجاتها للقمر قائلة لكنه يا قمرى معذور فلم أعلن له عن هذا الحب صراحة , لكنه كان لابد أن يفهم أليس كذلك..؟
يا قمرى كم حلمت من الأحلام الوردية على ضوئك اللامع فى هذه البقعة الهادئة من الشاطئ تلك البقعة التى أسميتها معبد الحب ..
كم كنت أشعر بالسعادة و أنت تداعبنى بنورك الفضى , كنت اشعر بها و كأنها أيدى حبيبى الذى لا يشعر بى ..
دلنى يا قمرى كيف أجعله يشعر بى ..
كيف يشعر بالشوق الذى يكاد يحرق أضلعى من شدته ..؟
أخبرنى..
ثم صمتت و أرسلت بنظرة طويلة من عينيها الساحرتين إلى داخل البحر , و كأنها تبحث عنه عن إجابة ..
و فى هذه الأثناء مر الوقت و أصبح القمر خلفنا فإذا بى اسمع شهقة منها و هى تلفت إلى فى سرعة و الدهشة تعلو وجهها و هى تقول أنت..
ساد الصمت بيننا لمدة لا أدرى أهى بالطويلة أم القصيرة حتى قطعت ذلك الصمت قائلة بارتباك وبصوت مختنق فى مزيج عجيب من الدهشة والفرحة منذ متى و أنت تقف هنا , و أى من حديثى للقمر سمعت و..
قاطعتها قائلا ..
حبيبتى الجميلة ..
فصاحت فى دهشة و هى تضع يديها على وجهها من الفرح ماذا..؟
أقول حبيبتى الجميلة ذات العينين الساحرتين و القلب النقى الطاهر ..
اننى أيضا أحبك منذ زمن طويل , و لكننى كنت أخشى ألا تشعرى  بى , و لم أكن أتوقع أن تكونين من ترسل الى الورود ..
صدقينى يا حبيبتى كثيرا ما سهرت مثلك أناجى البحر و القمر حتى رأيتك تأتين الليلة و سمعت حديثك ..
فى هذه الأثناء و أثناء نظرها لى بنظرة ساحرة تفيض بالحب و أنا أقف مواجها لها , إذ بالقمر يرسل بضوئه الفضى علينا ويلقى بظلالنا على الرمال الناعمة المبتلة و البحر يرسل بموجة شديدة تغمر قدمينا , و أيدينا تمتد لتتلاقيا فى لمسة حانية و تشتبك أصابعنا ..
و أفرغنا شوقنا فى حديث هامس باسم يفيض بالحب حتى انبلج نور الصباح و وقفنا نتأمل شروق الشمس و التى أخذت تداعبنا بأشعتها الحمراء ..
و أصبحت تلك البقعة الهادئة من الشاطئ معبدا لنا..
معبدنا للحب.
                                                                                                        تمت بحمد الله

الأربعاء، 4 نوفمبر 2009

اللذة

سنوات..
سنوات تمر..
و سنوات مرت..
حتى تجاوز عمرى الأربعين..
قضيت تلك السنوات من عمرى بلا هدف..
بلا هوية..
بلا إيمان..
كنت أسخر من كل عابد..
و أقول فى قرارة نفسى ..
كيف..؟
كيف يجد السلوى فى العبادة و يسمى نفسه عاشقاً..؟
أنا..
أنا العاشق..
عشقت من صنوف النساء..
عشقت صنوف الملذات..
ارتكبت جميع المحرمات فى نظرهم..
فلم أكن عابداً لكى تكون كل هذه الأشياء محرمة عندى ..
حتى إلتقيته..
كنت مسافراً..
تائهاً..
حائراً..
جائعاً..
و الأهم من ذلك مفلساً..
نعم..
و السبب فى ذلك عشقى الأثيم للنساء و الملذات , و الذى أوقعنى فى إحدى العاهرات التى سلبتنى كل شئ..
و لكنها كانت ذات فضل..
نعم..
ذات فضل فى أن أقابله..
ذلك الشيخ المهيب الطلعة..
يشع النور من وجهه بينما أنا و جهى مغبر..
و سألنى..
ما بك..؟
أجبته من فورى..
ضائع..
حائر..
تائه فى سنوات الضياع..
فتبسم و بدا كالبدر..
وقال..
ضائع..
عندى من يجدك..
حائر..
عندى من يهديك..
تائه..
عندى من يعيدك إلى الطريق..
دهشت..
بهت..
انعقد لسانى بداخل حلقى و لم تجد الكلمات مخرجا..
فتبسم مرة أخرى..
و هذه المرة أحسست بأنه النقاء..
انه دليلى إلى الطريق ..
فخرجت منى الكلمات هذه المرة وسألته قائلا..
دلنى إلى الطريق..
فاتسعت ابتسامته و أمرنى قائلا..
هيا قم معى إلى البيت..
سألته متعجباً..
و كيف تأخذنى إلى بيتك و أنت لا تعرفنى ..؟
أجابنى و ابتسامته تزداد اتساعاً..
انه ليس ببيتى ..
انه بيت الناس جميعاً..
بيت السكينة و الطمأنينة..
بيت الرضا و الراحة..
هيا..
هلم معى ندخل..
هيا..
اذهب و اغتسل , وائتنى لأرشدك إلى الطريق..
تعجبت قائلا..
أغتسل..
كيف..؟
ربت الشيخ على كتفى و أخبرنى ..
و ذهبت لأفعل..
و عدت..
عدت و أنا نظيف..
عدت و أنا هادئ النفس..
فاستقبلنى بابتسامته الساحرة ووجهه و ملابسه البيضاء اللذين يشعون نورا..
قم فصل لله ..
فأنت فى بيته..
عجبت..
كيف أصلى ..؟
و أنا لا أعرف ما هى الصلاة..
اننى مسلم اسماً و ليس فعلاً..
ربت الشيخ على كتفى مرة أخرى و أحسست هذه المرة أن ابتسامته علتها مسحة من الحزن , و قال لى ..
سأعلمك..
و علمنى..
و وجدتنى أذكر ما كنت قد نسيته و توارى وراء الملذات..
و صليت..
وبكيت..
ووجدت الطريق..
وجدت الهدف..
ما أحلاه..
و بادرته بالسؤال عقب انتهائى ..
هل لك أن تعلمنى..؟
فأجابنى بنعم..
و علمنى ..
و مكثت معه أتعلم..
و كلما تعلمت وجدت الطريق الأفضل..
وجدت اللذة الحقيقية التى كنت أسخر منها سابقاً..
ما أجمل أن تكون عاشقاً..
لله..
إحساس بالقوة..
إحساس بالراحة..
إحساس بالطمأنينة..
إحساس بالسكينة و الأمان..
ما أحلى أن تضيع سنوات الضياع..
و تبدأ سنوات الأمل..
مع الله.
                                                         تمت بحمد الله