الاثنين، 3 أكتوبر 2011

من يحنو علينا


كنا فى صغرنا نحبه و نعشقه ..
نتمنى ان نقابله أيا كانت الوسيلة المهم ان نقابله ..
ثم كبرنا قليلا و أدركنا أنه  بطل من الأبطال ..
انه القائد و الأب ..
انه الرمز لنا ..
ثم كبرت أكثر و تعمقت فى القراءة و الفهم و السؤال ، و بدأت أدرك حقائق مرة بعد ان أعملت العقل قليلا ..
اننا نباع بأرخص الأثمان و لا أريد ان أبالغ انه بلا ثمن ..
أبطال مصر دفنوا مع بطولاتهم سواء من استشهد منهم فى الميدان الحق ، او من بقى منهم على قيد الحياة و مات و هو لا يجد ثمن علاجه و بخلوا به عليه و اعطوه لغيره ممن لم يبذلوا ما بذله اولئك الأبطال ..
هناك دول تسعى جاهدة لصناعة تاريخ و أبطال ..
اما نحن فلنا تاريخ ضارب فى عمق التاريخ و لنا أبطال يفخر العالم اجمع ان ينتمى اليه احدهم فما بالك بمن عنده مثل هذا العدد..
لكننا محونا ذكرهم و مجدنا غيرهم من السفهاء و الروبيضة و جعلناهم نجوما و قدوة و رموز يهتدى بها أى عار هذا ..؟
ثم كبرت أكثر و عايشت العديد من الاحداث العنيفة التى مرت بها البلاد و أدركت الحقيقة المرة و هى أننا قزمنا ، حقرنا ..
أمرضنا ، افقرنا ..
جهلنا و تفهنا ..
لصالح العدو الأوحد..
كيف يكون أبا ..؟
كيف يفعل بنا ولى امرنا هذا ..؟
كيف يسلم أمرنا لعدونا ..؟
كيف يكون قائدا ..؟
كيف يكون بطلا ..؟
لماذا لم يخرج علينا احدهم ليخبرنا عن الحقيقة و ما هى الأسرار التى لا ينبغى ان نطلع عليها و توردنا التهلكة ..؟
لماذا يتركوننا نتخبط هكذا و ما الغرض ..؟
اقول هذا مما قرأت و خبرت و مارست و رأيت ..
اقول اننا نلهى عن كل شئ بأزمات كانت متلاحقة لا تنتهى و تجعل الدنيا سوداء و كئيبة و بلا أمل ..
أزمات للأنابيب ، للخبز ، للمال ، للصحة ، مياه ملوثة ، أراض غير صالحة ، طرق غير ممهدة تدمرنا نحن و ممتلكاتنا لكى نعيش فى دوامة من الجنازات و العلاج و الاصلاح ..
أنسينا مؤتمرات اسقاط الدين ومصر..
هل نرتدى الغمامة و نخشى خلعها ..
كنا و لا زلنا نخاف البشر و لا نخاف الله ..
كنا نقول انه أب و قائد و بطل موقر و لكنه ضرب بكل هذا عرض الحائط ..
بفساد فى كل شئ يأكل الاخضر و اليابس و يجعلنا مشوهين معاقين مقسمين الى شيع و طوائف مستضعفة فى الأرض و متناحرة ..
حتى و ان لم يكن أخطأ فهو مسئول عن عدم مراقبة تصرفات بطانته ..
كيف نحاسب على هفوات و نتركهم جميعا على امور عظام ..
يطلب منا ان نحترم شيبة و تاريخ و ذل بعد عزة و أن ننسى أو نتناسى أننا اذللنا عن عمد و لم يحترم أى شئ لنا و فعلوا بنا كل حقير ..
لقد أذل الله رجال بعد عزهم لأنهم أذلوا أمة بعد عزها ، افقروها بعد غناها ، و أجهلوها بعد علمها ..
فمن يحنو على أناس انحنت ظهورهم من كثرة الاذلال ..؟
من يمسح دمعتهم ..؟
من يعيد اليهم عزهم ..؟
من يتق الله فيهم ..؟
من يحنو علينا ..؟
ومن يحنو عليك يا مصر.

                                                                تمت بحمد الله

السبت، 17 سبتمبر 2011

الدموع الصامتة


جلست ارقب الطريق من خلف زجاج نافذة القطار ..
وهو ينهب الطريق من اقصى صعيد مصر الى شمالها و ألوان الزراعات الخضراء البديعة الممتزجة بزرقة مياه النيل الرقراقة التى تنساب فى مجرى النهر كأنها الفضة السائلة لوحة فنية بديعة ابدعها الخالق عز وجل..
أخذت انظر الى ذلك المنظر البديع و بداخلى حزن عميق ..
حزن لا ينتهى ..
احمله بداخل قلبى الكسير ..
فلقد ذكرتنى تلك اللوحة البديعة بحب مازال ينبض فى قلبى على الرغم من أن القصة التى تعبر عنه قد انتهت وولت الى حالها منذ شهور قلائل و لم اشعر بنفسى الا و دموعى تنساب على وجنتى و تغرق وجهى فى صمت تام و مطبق ، و أخذتنى رحلة الذكريات ..
بداية منذ رأيتها للمرة الأولى وعلى الرغم انى  لم اعرها أى اهتمام و لكنها توارت بقلبى حيث لم اكن اشعر نحوها بأية مشاعر حتى اشتعل حبها بقلبى فجأة ..
أدركت ساعتها انها هى الحياة ، هى الحب ..
لم اعد اطيق ان يمر يوم دون ان اراها و بذلت من أجل ذلك الجهد الوفير بعلمها و بدونه ..
حتى صارحتها بحبى..
و كانت المفاجأة لى انها تبادلنى نفس الشعور و صارت الحياة بالنسبة لى أجمل من السابق و اصبحنا نتقابل سويا و نمرح سويا و نعيش الحب الطاهر النقى البرئ ..
و توالت الايام و كبرنا و التحقنا بالجامعة و عندها ..
قررت ان اصارح أهلى بحبى لها و رغبتى فى الزواج منها ..
و بالفعل قمت بذلك ووجدت ترحابا شديدا من أهلى الذين قرروا ان يقوموا بخطبتها لى ..
و مضت الأمور على ما يرام وتمت الخطبة و كانت أجمل ايام حياتى و قضينا سويا فترة رائعة مليئة بالحب و المرح ..
بالآمال و الأحلام ..
حتى ..
فوجئت بها ذات يوم و هى تحدثنى على غير عادتها بطريقة غريبة لم أعهدها من قبل طالبة منى ان نبتعد لبرهة من الوقت حتى يستقر قلبها ..
فلقد أدركت فجأة أن مشاعرها نحوى لم تكتمل بعد و ان هناك جزء صغير سوف تصارحنى به عند اكتماله ..
حقيقة لم اخذ الأمر بالجدية الكافية ..
و اعتبرتها مرحلة الضيق التى تصيب المرء قبل دخوله الامتحان خاصة و اننا كنا فى السنة الاخيرة ..
و تركت الامور تسير بيننا بوتيرة هادئة حتى تخرجنا ..
و تسلمت عملى بصعيد مصر و اعتبرنا ان هذا الأمر فرصة جيدة لكلانا حتى نقوم بفحص مشاعرنا و اختبارها مستغلين فرصة ابتعادى معظم الوقت ..
لكن الأمور ساءت و أصبحت معاملتها لى جافة و عندما تساءلت بكت و قالت  انها لا تعلم و انها سوف تحاول اصلاح نفسها مرة أخرى ..
و بالفعل..
 نجحت فى اصلاح الأمور و استردت الحياة سابق بريقها و عدنا سويا كأفضل مما سبق و لكن لم يدم الأمر طويلا ..
 وعادت الأمور اسوأ مما كانت عليه..
 وعادت مرة أخرى الى نفس الأسلوب ..
الذى لم أرضى به هذه المرة ..
و اتخذت موقفا ايجابيا حاولت ان امحو به سلبيتى فى معالجة الموقف السابق لأنى شعرت انها تخفى امرا ما ..
ووصلت بنا الأمور الى طريق مسدود..
حيث قمت هذه المرة بالقطيعة أملا فى ان تصلح من شأنها ، و نصل الى قرار على ان أقوم بالاتصال بها بعد مهلة محددة ..
وسارت الأمور على هذا النحو ..
و بعد انتهاء المهلة حدثتها ، و فوجئت بها ترفض الاستمرار فى علاقتنا و ان كل منا قد انتهى بالنسبة الى الاخر ..
حاولت ان أثنيها عن هذا القرار لكنها رفضت قائلة ..
ارجوا منك ان تراجع افعالك و ستعرف من منا المخطئ..
كانت الصدمة شديدة جدا بالنسبة لى و تساءلت فى قرارة نفسى هل هذا هو الأمر الذى تخفيه ..
و قمت بمراجعة كافة أفعالى و أخذت الذكريات تمر أمام عينى كشريط سينمائى طيلة أيام عديدة كنت ادقق و أحقق فى كل كلمة ، و لفظ ، و فعل ..
و أدركت بعد فوت الأوان انها محقة ..
نعم محقة ..
فقبل ان تقوم هى بالتغير تجاهى كنت انا من بدأ بهذا التغير و لكننا لا نرى انفسنا احيانا كثيرة ..
لقد كنت اتعمد ان اتعامل كصديق أو زميل و نسيت أو تناسيت أنها قلبى ..
نعم ..
انها قلبى ..
بل هى أكثر من ذلك ..
انها حياتى ..
ولكننى للأسف اهملتها بحماقة ..
و حاولت الاصلاح و ذهبت اليها و لكنها قد أنهتنى من حياتها تمام و رفضت أى حوار بيننا ، و عدت اجر أذيال الخيبة ..
و احمل حطام قلبى ..
و أتذكر بين الحين و الحين ذلك الحب و تلك الأيام الجميلة و كيف اضعتها من يدى ..
و راودتنى الشكوك فيها .
و هيأ لى عقلى ان ذلك من أجل شخص اخر حتى فوجئت بخبر اليم ..
 بل ان اليم لا يستطيع وصف وقع ذلك الخبر على فلقد هبط على كالصاعقة ..
و انتزع منى روحى و قلبى فلقد وافتها المنية حزنا على ..
هل انا شخص معدوم لهذه الدرجة ..؟
هل كنت فعلا احبها أم انها اوهام صبا ..؟
و أصبحت أعيش حطام انسان ..
اعيش لحظات عصيبة قاسية ..
من شدة قسوتها لا تتمالك عينى نفسها و تنهال دموعها فى صمت و..
أفقت من ذكرياتى على يد زميلى الجالس بجوارى بالقطار و هو يهزنى متسائلا عما بى ..
فهو يتابعنى منذ فترة طويلة و انا شارد ودموعى تنهال رغما غنى ..
و اختلقت له حجة بأن عينى تعانى من حساسية بها تجعل دموعها تنساب عندما أقوم بالتركيز على شئ ما فترة طويلة ..
وواريت عنه و عن الجميع سر تلك الدموع التى تغرق وجهى كلما تذكرت ..
واريت تلك الدموع الصامتة.
                                                                        تمت بحمد الله 

الخميس، 15 سبتمبر 2011

حظائر الخنازير

أعلنت نشرة الطقس ان اليوم سيكون شديد البرودة نهارا قارص البرودة ليلا ..
و على جميع المواطنين توخى الحذر عند الخروج ليلا..
استقبل الناس هذه الاخبار بالحذر و التزم اكثرهم منازلهم الدافئة ..
الا فئة من الناس اقتضى عملها التواجد فى الشوارع ليلا و حتى الصباح و لكن هذه الفئة التى اتحدث عنها اقتضى عملها التواجد فى تلك الليلة فوق هضبة المقطم المرتفعة ..
و دار بينهم هذا الحوار البرودة شديدة جدا هذا اليوم و نحن نجلس فى هذا المكان ..
 اننى ارتدى ملابس كثيرة ..
 اننى ارتدى اكثر منك ..
لنشعل نارا و نجلس حولها ..
لا لا لنجلس بداخل السيارات ..
و لكننا سنفترق ..
ليكن فإننا فى الغالب مجتمعون و لن يحدث شئ ان افترقنا فى تلك الليلة الرهيبة ..
اننا فى الاسكيمو ..
هيا بنا الى السيارات ..
و تعالت ضحكات الزملاء بعد ان دار بينهم الحوار السابق و انتهوا اخيرا الى الاستقرار داخل سياراتهم اتقاء لذلك البرد القارص ..
الا اكرم ظل بالخارج يتأمل المكان و يتأمل المقطم و القلعة والطريق و الأبنية المحيطة ثم أخذ يجول فى ارجاء المكان المتواجد به و تعجب ان يكون هذا المكان فى قلب عاصمة مصر فى القرن الحادى و العشرين ..
و تعجب اكثر من رعاية الدولة له بدلا من ابادته نهائيا فهو يواجه رمز من رموز مصر المحروسة بل رمز من رموز الدولة الاسلامية التى اوقفت العديد من الغزاة ..
اه لو ان صلاح الدين يعلم ان قلعة الجبل التى بناها للدفاع عن مصر المحروسة و التى اصبحت احد مقار الحكم فى مصر حتى الدولة الحديثة ..
واحد اهم الاثار الاسلامية التى يأتى الالاف لزيارتها سنويا سيكون فى الجهة المقابلة لها حظائر الخنازير و مقالب القمامة لترك مصر كلها ...
هههههه انفجر اكرم بالضحك فى سخرية مريرة و بصوت مرتفع جدا فلا احد يسمعه فى هذه اللحظة قبيل الفجر و فى ذلك الجو الرهيب ، و اخذ يدور حول نفسه و الرعد يدوى و البرق يومض فى ظلمة الليل و هو يضحك بشدة ثم تسمر واقفا فى مكانه فى ذهول شديد ..
اخذ يفرك عينيه بشده و هو يحاول تبين ملامح الشبح الذى ظهر امامه فجأة ..
نادى عليه الشبح قائلا انت ..
رد اكرم بتلقائية مذهولة و هو يتأمل الرجل المتشح بالملابس السوداء الانيقة و لكنها تعود لعصور قديمة من الزمن عصور الفرسان نعم يا سيدى ..
سأله الرجل من انت و ماذا تفعل هنا و ما هذا المكان الغريب ..؟
كرر الرجل سؤاله مرة اخرى ..
فأجابه اكرم بذهول شديد و لكن انت اولا أجبنى من انت و كيف جئت الى هنا ، و ما هذه الملابس الغريبة التى ترتديها ..؟
اخذ الرجل ينظر حوله و الى اكرم والى المكان حوله لدقائق قليلة ثم اجاب قائلا انا صاحب تلك القلعة ..
ضحك اكرم بصوت مرتفع قائلا..
صاحب ماذا يا رجل ، صاحب تلك القلعة ..
ان صاحب تلك القلعة مات منذ زمن بعيد جدا يناهز الالف عام او يزيد..
قاطعة الرجل ضاحكا ..
كيف يا رجل و انا مازلت حى ارزق ..
انا السلطان صلاح الدين ..
حدق اكرم فى وجه الرجل بذهول شديد ثم قال متسائلا و لكن كيف هذا يا سيدى ..؟
اجابه السلطان نعم انا حى ارزق و لقد كنت اتفقد القلعة و ما حولها حتى وجدتك هنا بتلك الملابس الغريبة التى ترتديها ..
قل لى يا رجل انك تبدو عسكريا ..
اجابه اكرم نعم يا سيدى انا ضابط فى القوات الخاصة بالشرطة..
ضحك صلاح الدين الشرطة و لكن هذا ليس بزى الشرطة ..
اجابه اكرم سيدى اعلم قوة تفكيرك و حكمة تدبيرك وأنك ستتفهم كلامى..
سيدى اننا فى مصر بزمن يلى زمنك بما يزيد على الالف عام و لا اعلم كيف حدث هذا اللقاء بيننا خاصة اننى كنت افكر فيك و اتعجب من تلك الدولة التى تدفع بخيرة رجالها فى هذا المكان المليئ بحظائر الخنازير و الادهى من ذلك انه امام قلعة الجبل ..
تلك القلعة التى تعد من اعظم اثار مصر الاسلامية و التى تأتى الوفود بالألاف كل عام لزيارتها ..
صمت السلطان و امسك بذقنه وأطرق برأسه ارضا و احترم اكرم هذا الصمت ..
حتى رفع السلطان رأسه اليه و قال هلم معى نسير قليلا لنتفقد هذا المكان المليئ بالخنازير ..
و لكن كيف تعيش ..؟
اجابه اكرم على القمامة ..
نظر اليه السلطان مذهولا ، ثم قال قمامه ..!!
و هل الجبل المواجه للقلعة اصبح قمامة و خنازير ، بوابة حماية القاهرة اصبحت هكذا ..
من الأحمق الأخرق الذى اقر هذا ، لابد من عزل الوالى و أعوانه لأجل ذلك و اعادة النظر فى هذا المكان ..
ابتسم اكرم فى حرج و قال سيدى اننا الأن فى دولة ذات نظام جمهورى يحكمنا فيه رئيس للدولة المصرية فقط و له وزارة برئاسة رئيس الوزراء و يعاونه مجلسان احدهما للشعب و الاخر للشورى بنظام الانتخابات ..
ففى زماننا هذا تفككت اوصال الامة الاسلامية الى دول و دويلات ..
قاطعه صلاح الدين متسائلا ، و ماذا عن بيت المقدس ..؟
اجابه اكرم احتلها اليهود و جعلوها عاصمة لهم ..
غضب صلاح الدين غضبا شديدا قائلا يالهم من ملاعين يتركون الأرض و الدين هكذا ، يتراخون فى حق الله ..
اننا نجاهد فى سبيل الله لإعلاء هذا الدين و يأتى اولئك الحمقى ليناموا على الفرش و الوسائد و يمحون اثارنا و يتركون الدين و الاخرة لأجل الدنيا الفانية ..
يا بنى هلم بنا الى ذلك الحاكم الفاسد لأضرب عنقه بنفسى ..
قال اكرم سيدى اننا لا نستطيع ان نفعل ذلك فقصره منيع جدا و حراسته شديدة و مسلحون أسلحة فتاكة لم تظهر فى زمانك..
سأله السلطان هل كل الحكام هكذا ..؟
نعم يا سيدى ..
هم فى واد و شعوبهم فى واد اخر ..
شعوب تعانى من الجهل و الفقر و المرض و الفوضى ..
تعجب السلطان من قول اكرم ثم قال قبحهم الله من حكام و مما يخاف اولئك الحمقى ..
اجاب اكرم يخافون من امريكا و اسرائيل و دول اوروبا ..
قال السلطان تخافون من اوروبا و دولها يالها من مهزلة و ماذا عن امريكا و اسرائيل ..؟
اجاب اكرم سيدى امريكا هى دولة قامت على قارة اكتشفت منذ حوالى ثلاثمائة عام و تقوم بدور القائد الأوحد للعالم اما اسرائيل فهى دولة اليهود فى بيت المقدس ، وكلهم يحظون بمقومات العلم و الثروة و القوة العسكرية الجبارة ..
قاطعه السلطان متسائلا و هل طغوا و فسدوا ..؟
اجاب اكرم نعم سيدى ..
ابتسم السلطان قائلا اذا ابشر يا بنى لقد آن الأوان ان يعود للأمة مجدها و هيبتها ، وكما جاهدنا نحن فى سيبل الله ، ستجاهدون انتم ايضا و انكم ان شاء الله لمنتصرون ..
دوى الرعد و أضاء البرق الشديد عتمة الليل ثم هدأ ، وحل الظلام الدامس مرة اخرى و قال اكرم اتعشم هذا يا سيدى ..
و لم يجب السلطان فلقد اختفى ..
اخذ اكرم يبحث عن القائد البطل العظيم صلاح الدين و ينادى و لكن لم يجبه سوى الصمت المطبق .
                                               
                                                        تمت بحمد الله

الخميس، 1 سبتمبر 2011

الأكلان


ترددت كثيرا قبل ان أبدأ فى كتابة هذه القصة ..
قرابة عامان و انا احاول وأد الرغبة فى كتابتها ..
لكنها تغلبت على اخيرا لتخرج الى النور..
و ترددت ايضا فى ان اكتبها بالعامية ام بالفصحى و لكن عشقى للعربية انتصر فلن ان اكون ابدا من راكبى موجة الفرانكو اراب او من كتاب السوقية التى نعانى منها هذه الايام ، و التى ابتكرها الدهماء و السوقة و اصبحت لغة الكثير من الناس ..
فى ظل اعصار من ثقافة الجهل و الحشاشين و المدمنين و قطاع الطرق و اللصوص ..
الذين اصبحت لهم الكلمة و الأمر و النهى ..
اصبح لهم كل ما يريدون ..
و أصبح لهم سطوة المال و الجاه و دان لهم اصحاب السلطان ..
و غلب الناس على امرهم لهم ..
كنت قد نقلت للعمل فى اسوان فى اقصى جنوب مصر ..
و ذلك لأننى رفضت ان أكون من التراب ..
رفضت ان احنى رأسى لغير الله عز وجل ..
و عقب انتهاء الاجازة الشهرية و التى كانت تنتهى فى اول ايام العيد اردت ان امضى يوم العيد مع أسرتى و طلبت يوما اضافيا لذلك مضحيا بالراحة و ثمن التذكرة  ..
ولكن ما قيمة ذلك مقابل يوم مع الاسرة ..
 انه يساوى كنوز الدنيا كلها ..
و بالفعل قمت بذلك ..
و يا ليتنى ما قمت بذلك ..
غلطة عمرى ..
 فلقد اضطررت لركوب قطار الساعة العاشرة مساء و المسمى نفرتيتى و لا يمت لجميلة الجميلات بصلة سوى الاسم ..
العربة عبارة عن كابينتى  نوم  سابقتين و تم فتحهما على بعضهما البعض و تم عمل صفين من المقاعد متقابلين ثلاثة فى كل جهة بدلا من الاسرة ، و لعنة الله على من فكر فى تلك الفكرة المريعة ..
فلقد افسد المنظر بداخلها و افسد الخصوصية للناس و اجبر كل ستة من الناس على الجلوس طوال الطريق فى رفقة اجبارية أيا كان جنسهم ..
هذا بالإضافة الى النظافة الشديدة جدا للعربات ..
و بالطبع امزح فإن القلم يأبى ان يكتب غير ذلك ..
ناهيك عن الركاب الاخرين ..
الرفقة الاجبارية الاضافية ..
 فئران ، صراصير ، ناموس ، و اليك المفاجأة الأكلان ..
نعم الأكلان ..
و لمن لا يعرف ما هو الأكلان هو حشرة البق اللعينة و التى تمضى معها فى ظل الفترة التى كانت تتعطل فيها القطارات قرابة اليوم الكامل لكى تمتص دمك بكل شراهة و تلذذ ..
وكأن الأكلان قد فرض علينا فى كل شئ ..
فى كل أمورنا الحياتية ..
كائنات متسلقة تعيش على دمائنا ، و تسلبنا كل شئ ..
و كانت الرفقة البشرية جميلة بحق و الا كانت ليلة الانتحار ..
اعتقد اننى كنت لألقى بنفسى من القطار لأموت اهون من كل تلك المؤثرات الجميلة و ظللت طيلة الليل واقفا فى الممر بين بين غرف  العربة و بين الباب الرئيسى للعربة فى البرد الشديد  ، خوفا من الأكلان ..
و لكن هيهات فلم تصمد ارادتى اكثر من ثلاث ساعات ..
و بعدها دخلت فى غيبوبة من الالم ..
فليشرب البق ما يريد من دمائى ..
انه اهون من ان اظل واقفا طيلة الليل حتى اسوان لقد كان مشوار عذاب و سجن اجبارى اختيارى ، لا مفر منه الا بترك العمل او ان يمضى العام ..
و كان الاختيار الصعب ..
النوم..
و لم اكد اغط فى النوم حتى شعرت بحركة ناحيتى و اذا به احد رفاق السفر يزيل من على كتفى عدة بقات ..
كما اخذ ينفض سترة حلته الانيقة ، اما الاخر فلقد اخرج من حقيبته شال من الصوف لفه حول رأسه و غط فى سبات عميق ..
وأخذت اتلوى و اهرش و اذرع القطار ذهابا و ايابا و لكن لا مفر من العودة الى البق مرة اخرى و دخلت ووجدت الرجل الذى أيقظنى يغط فى سبات عميق و جارنا الاخر لف عباءته حوله و اسلم الروح ..
و لم اجد مفرا انا ايضا من أفعل مثلما فعلوا و استسلمت و غططت فى سبات عميق ..
و عند وصول القطار قرب الظهيرة وجدت يدى و عنقى و أماكن متفرقة فى جسدى قد التهمت و كذلك من كانوا معى و انطلقت التعليقات المرحة على الرغم من صعوبة الموقف كعادتنا نحن المصريين ..
و اسلمنا امرنا الى الله و ايقنا مما حدث لنا اننا من ركاب مرحلة الاكلان .

                                                                        تمت بحمد الله