الجمعة، 12 أغسطس 2011

التراب

انتشر الضباب بكثافه ولا يزال يتزايد ..
الرؤية  تنعدم رويدا رويدا ..
 الكل يلزم مكانه تخوفا من ذلك الضباب الذى نزل فجأة وبدون سابق انذار..
البرد يشتد ويصبح قارصا ..
أضواء الانتظار للسيارات تومض برتابة الكل يلتزم ويسير بهدوء ..
 يسود النظام الإجبارى الذى فرضته الطبيعة على الرغم من الفوضى العارمة التى نعيش فيها  ..
 يبحث الناس عن قائد لهم فى ذلك الضباب ..
لا يوجد أحد الكل يتناوب القيادة بمجهود فردى لكن لا فائدة ..
 فكثافة الضباب تتزايد والبرودة تشتد والحركة فى سبيلها للتوقف تماما ..
التراب ينهض هو الآخر ..
ليشترك مع الضباب فى رسم صورة مخيفة ..
لا احد يرى ..
 انعدام للرؤية ..
وانعدام للتنفس ..
الريح هى الأخرى تنهض مبدية اعتراضها على ما يحدث تحرك الضباب يمينا ويسارا ..
وترفع التراب للأعلى وتخفضه للأسفل ..
 سيمفونية من السيطرة المرعبة للطبيعة ..
الحركة تتوقف تماما ..
الجميع يلتزم مكانه ..
والذين يسيرون فى الشوارع  التزموا سياراتهم ومن لم يجد سيارة أو مدخل عمارة أو منزل يأوي اليه فليس له الا الله ..
عتمة الليل تشترك هى الأخرى ..  
التراب يهزم الضباب واصبح هو المسيطر تحول الى عاصفة تزكم الأنوف وتعمى الأبصار وتسد الأفواه فلا صوت يعلو ولا حركة تستمر ..
الكل يسير بأمر التراب ..
افسد ذلك التراب كل شيء ..
غطى الورود فذبلت ..
نزل الى الماء فعكره ..
دخل البيوت فملأها , انتشر فى الشوارع فأخفى ملامحها ..
 سيطرة كاملة لا أحد يملك حق الاعتراض ومن يستطع المناقشة  مع هذا التراب الذى يفسد كل شيء ويفرض سطوته ..
 ولكن مهلا..
 يبدوان الصبح قد اقترب أن ينبلج وأن تذهب عتمة الليل التى استغلها التراب للسيطرة علينا وعلى حياتنا ..
سوف تمطر السماء لتغسل كل شيء ثم تشرق الشمس ..
وينبلج النور ..
ولجأ الخلق الى الله عز وجل بالدعاء لرفع ذلك البلاء عنهم ..
فلقد نسى التراب ان من يحركه الريح وأنها ايضا من حركت الضباب والسحب وكذلك بخار الماء ,حملت كل من  يعترض على التراب ..
فأخذ الضباب يزيد من انتشاره واثقل الهواء وأبطأ التراب وجعل السحب تضطرب وتولد البرق ..
ودوى الرعد  ..
 وارتعب التراب فهذا نذير للمطر الذى سوف يقضى عليه ..
واخذ التراب يتطاير هنا وهناك أملا فى أن يجد مأوى ولكن هيهات ..
فلقد انفتحت ينابيع السماء لتغسل كل شيء وتقضى عليه وأخذ الضباب فى الانقشاع  رويدا رويدا..
وبدأت الأمطار تتوقف وأقبل الصبح يتنفس وأشرقت الشمس بنور ربها واضاءت الكون ، وهدأ كل شيء واستعادت الكائنات حياتها فلقد انتهت العاصفة الترابية واستعاد الانسان  سيطرته بأمر الله ..
فلقد نسى او تناسى قدرة الخالق عز وجل على ردعه واصلاح ما أفسده ..
لكن هل سيحدث ذلك حقا .؟؟
                                                                تمت بحمد الله