الخميس، 15 سبتمبر 2011

حظائر الخنازير

أعلنت نشرة الطقس ان اليوم سيكون شديد البرودة نهارا قارص البرودة ليلا ..
و على جميع المواطنين توخى الحذر عند الخروج ليلا..
استقبل الناس هذه الاخبار بالحذر و التزم اكثرهم منازلهم الدافئة ..
الا فئة من الناس اقتضى عملها التواجد فى الشوارع ليلا و حتى الصباح و لكن هذه الفئة التى اتحدث عنها اقتضى عملها التواجد فى تلك الليلة فوق هضبة المقطم المرتفعة ..
و دار بينهم هذا الحوار البرودة شديدة جدا هذا اليوم و نحن نجلس فى هذا المكان ..
 اننى ارتدى ملابس كثيرة ..
 اننى ارتدى اكثر منك ..
لنشعل نارا و نجلس حولها ..
لا لا لنجلس بداخل السيارات ..
و لكننا سنفترق ..
ليكن فإننا فى الغالب مجتمعون و لن يحدث شئ ان افترقنا فى تلك الليلة الرهيبة ..
اننا فى الاسكيمو ..
هيا بنا الى السيارات ..
و تعالت ضحكات الزملاء بعد ان دار بينهم الحوار السابق و انتهوا اخيرا الى الاستقرار داخل سياراتهم اتقاء لذلك البرد القارص ..
الا اكرم ظل بالخارج يتأمل المكان و يتأمل المقطم و القلعة والطريق و الأبنية المحيطة ثم أخذ يجول فى ارجاء المكان المتواجد به و تعجب ان يكون هذا المكان فى قلب عاصمة مصر فى القرن الحادى و العشرين ..
و تعجب اكثر من رعاية الدولة له بدلا من ابادته نهائيا فهو يواجه رمز من رموز مصر المحروسة بل رمز من رموز الدولة الاسلامية التى اوقفت العديد من الغزاة ..
اه لو ان صلاح الدين يعلم ان قلعة الجبل التى بناها للدفاع عن مصر المحروسة و التى اصبحت احد مقار الحكم فى مصر حتى الدولة الحديثة ..
واحد اهم الاثار الاسلامية التى يأتى الالاف لزيارتها سنويا سيكون فى الجهة المقابلة لها حظائر الخنازير و مقالب القمامة لترك مصر كلها ...
هههههه انفجر اكرم بالضحك فى سخرية مريرة و بصوت مرتفع جدا فلا احد يسمعه فى هذه اللحظة قبيل الفجر و فى ذلك الجو الرهيب ، و اخذ يدور حول نفسه و الرعد يدوى و البرق يومض فى ظلمة الليل و هو يضحك بشدة ثم تسمر واقفا فى مكانه فى ذهول شديد ..
اخذ يفرك عينيه بشده و هو يحاول تبين ملامح الشبح الذى ظهر امامه فجأة ..
نادى عليه الشبح قائلا انت ..
رد اكرم بتلقائية مذهولة و هو يتأمل الرجل المتشح بالملابس السوداء الانيقة و لكنها تعود لعصور قديمة من الزمن عصور الفرسان نعم يا سيدى ..
سأله الرجل من انت و ماذا تفعل هنا و ما هذا المكان الغريب ..؟
كرر الرجل سؤاله مرة اخرى ..
فأجابه اكرم بذهول شديد و لكن انت اولا أجبنى من انت و كيف جئت الى هنا ، و ما هذه الملابس الغريبة التى ترتديها ..؟
اخذ الرجل ينظر حوله و الى اكرم والى المكان حوله لدقائق قليلة ثم اجاب قائلا انا صاحب تلك القلعة ..
ضحك اكرم بصوت مرتفع قائلا..
صاحب ماذا يا رجل ، صاحب تلك القلعة ..
ان صاحب تلك القلعة مات منذ زمن بعيد جدا يناهز الالف عام او يزيد..
قاطعة الرجل ضاحكا ..
كيف يا رجل و انا مازلت حى ارزق ..
انا السلطان صلاح الدين ..
حدق اكرم فى وجه الرجل بذهول شديد ثم قال متسائلا و لكن كيف هذا يا سيدى ..؟
اجابه السلطان نعم انا حى ارزق و لقد كنت اتفقد القلعة و ما حولها حتى وجدتك هنا بتلك الملابس الغريبة التى ترتديها ..
قل لى يا رجل انك تبدو عسكريا ..
اجابه اكرم نعم يا سيدى انا ضابط فى القوات الخاصة بالشرطة..
ضحك صلاح الدين الشرطة و لكن هذا ليس بزى الشرطة ..
اجابه اكرم سيدى اعلم قوة تفكيرك و حكمة تدبيرك وأنك ستتفهم كلامى..
سيدى اننا فى مصر بزمن يلى زمنك بما يزيد على الالف عام و لا اعلم كيف حدث هذا اللقاء بيننا خاصة اننى كنت افكر فيك و اتعجب من تلك الدولة التى تدفع بخيرة رجالها فى هذا المكان المليئ بحظائر الخنازير و الادهى من ذلك انه امام قلعة الجبل ..
تلك القلعة التى تعد من اعظم اثار مصر الاسلامية و التى تأتى الوفود بالألاف كل عام لزيارتها ..
صمت السلطان و امسك بذقنه وأطرق برأسه ارضا و احترم اكرم هذا الصمت ..
حتى رفع السلطان رأسه اليه و قال هلم معى نسير قليلا لنتفقد هذا المكان المليئ بالخنازير ..
و لكن كيف تعيش ..؟
اجابه اكرم على القمامة ..
نظر اليه السلطان مذهولا ، ثم قال قمامه ..!!
و هل الجبل المواجه للقلعة اصبح قمامة و خنازير ، بوابة حماية القاهرة اصبحت هكذا ..
من الأحمق الأخرق الذى اقر هذا ، لابد من عزل الوالى و أعوانه لأجل ذلك و اعادة النظر فى هذا المكان ..
ابتسم اكرم فى حرج و قال سيدى اننا الأن فى دولة ذات نظام جمهورى يحكمنا فيه رئيس للدولة المصرية فقط و له وزارة برئاسة رئيس الوزراء و يعاونه مجلسان احدهما للشعب و الاخر للشورى بنظام الانتخابات ..
ففى زماننا هذا تفككت اوصال الامة الاسلامية الى دول و دويلات ..
قاطعه صلاح الدين متسائلا ، و ماذا عن بيت المقدس ..؟
اجابه اكرم احتلها اليهود و جعلوها عاصمة لهم ..
غضب صلاح الدين غضبا شديدا قائلا يالهم من ملاعين يتركون الأرض و الدين هكذا ، يتراخون فى حق الله ..
اننا نجاهد فى سبيل الله لإعلاء هذا الدين و يأتى اولئك الحمقى ليناموا على الفرش و الوسائد و يمحون اثارنا و يتركون الدين و الاخرة لأجل الدنيا الفانية ..
يا بنى هلم بنا الى ذلك الحاكم الفاسد لأضرب عنقه بنفسى ..
قال اكرم سيدى اننا لا نستطيع ان نفعل ذلك فقصره منيع جدا و حراسته شديدة و مسلحون أسلحة فتاكة لم تظهر فى زمانك..
سأله السلطان هل كل الحكام هكذا ..؟
نعم يا سيدى ..
هم فى واد و شعوبهم فى واد اخر ..
شعوب تعانى من الجهل و الفقر و المرض و الفوضى ..
تعجب السلطان من قول اكرم ثم قال قبحهم الله من حكام و مما يخاف اولئك الحمقى ..
اجاب اكرم يخافون من امريكا و اسرائيل و دول اوروبا ..
قال السلطان تخافون من اوروبا و دولها يالها من مهزلة و ماذا عن امريكا و اسرائيل ..؟
اجاب اكرم سيدى امريكا هى دولة قامت على قارة اكتشفت منذ حوالى ثلاثمائة عام و تقوم بدور القائد الأوحد للعالم اما اسرائيل فهى دولة اليهود فى بيت المقدس ، وكلهم يحظون بمقومات العلم و الثروة و القوة العسكرية الجبارة ..
قاطعه السلطان متسائلا و هل طغوا و فسدوا ..؟
اجاب اكرم نعم سيدى ..
ابتسم السلطان قائلا اذا ابشر يا بنى لقد آن الأوان ان يعود للأمة مجدها و هيبتها ، وكما جاهدنا نحن فى سيبل الله ، ستجاهدون انتم ايضا و انكم ان شاء الله لمنتصرون ..
دوى الرعد و أضاء البرق الشديد عتمة الليل ثم هدأ ، وحل الظلام الدامس مرة اخرى و قال اكرم اتعشم هذا يا سيدى ..
و لم يجب السلطان فلقد اختفى ..
اخذ اكرم يبحث عن القائد البطل العظيم صلاح الدين و ينادى و لكن لم يجبه سوى الصمت المطبق .
                                               
                                                        تمت بحمد الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق