الاثنين، 3 أكتوبر 2011

من يحنو علينا


كنا فى صغرنا نحبه و نعشقه ..
نتمنى ان نقابله أيا كانت الوسيلة المهم ان نقابله ..
ثم كبرنا قليلا و أدركنا أنه  بطل من الأبطال ..
انه القائد و الأب ..
انه الرمز لنا ..
ثم كبرت أكثر و تعمقت فى القراءة و الفهم و السؤال ، و بدأت أدرك حقائق مرة بعد ان أعملت العقل قليلا ..
اننا نباع بأرخص الأثمان و لا أريد ان أبالغ انه بلا ثمن ..
أبطال مصر دفنوا مع بطولاتهم سواء من استشهد منهم فى الميدان الحق ، او من بقى منهم على قيد الحياة و مات و هو لا يجد ثمن علاجه و بخلوا به عليه و اعطوه لغيره ممن لم يبذلوا ما بذله اولئك الأبطال ..
هناك دول تسعى جاهدة لصناعة تاريخ و أبطال ..
اما نحن فلنا تاريخ ضارب فى عمق التاريخ و لنا أبطال يفخر العالم اجمع ان ينتمى اليه احدهم فما بالك بمن عنده مثل هذا العدد..
لكننا محونا ذكرهم و مجدنا غيرهم من السفهاء و الروبيضة و جعلناهم نجوما و قدوة و رموز يهتدى بها أى عار هذا ..؟
ثم كبرت أكثر و عايشت العديد من الاحداث العنيفة التى مرت بها البلاد و أدركت الحقيقة المرة و هى أننا قزمنا ، حقرنا ..
أمرضنا ، افقرنا ..
جهلنا و تفهنا ..
لصالح العدو الأوحد..
كيف يكون أبا ..؟
كيف يفعل بنا ولى امرنا هذا ..؟
كيف يسلم أمرنا لعدونا ..؟
كيف يكون قائدا ..؟
كيف يكون بطلا ..؟
لماذا لم يخرج علينا احدهم ليخبرنا عن الحقيقة و ما هى الأسرار التى لا ينبغى ان نطلع عليها و توردنا التهلكة ..؟
لماذا يتركوننا نتخبط هكذا و ما الغرض ..؟
اقول هذا مما قرأت و خبرت و مارست و رأيت ..
اقول اننا نلهى عن كل شئ بأزمات كانت متلاحقة لا تنتهى و تجعل الدنيا سوداء و كئيبة و بلا أمل ..
أزمات للأنابيب ، للخبز ، للمال ، للصحة ، مياه ملوثة ، أراض غير صالحة ، طرق غير ممهدة تدمرنا نحن و ممتلكاتنا لكى نعيش فى دوامة من الجنازات و العلاج و الاصلاح ..
أنسينا مؤتمرات اسقاط الدين ومصر..
هل نرتدى الغمامة و نخشى خلعها ..
كنا و لا زلنا نخاف البشر و لا نخاف الله ..
كنا نقول انه أب و قائد و بطل موقر و لكنه ضرب بكل هذا عرض الحائط ..
بفساد فى كل شئ يأكل الاخضر و اليابس و يجعلنا مشوهين معاقين مقسمين الى شيع و طوائف مستضعفة فى الأرض و متناحرة ..
حتى و ان لم يكن أخطأ فهو مسئول عن عدم مراقبة تصرفات بطانته ..
كيف نحاسب على هفوات و نتركهم جميعا على امور عظام ..
يطلب منا ان نحترم شيبة و تاريخ و ذل بعد عزة و أن ننسى أو نتناسى أننا اذللنا عن عمد و لم يحترم أى شئ لنا و فعلوا بنا كل حقير ..
لقد أذل الله رجال بعد عزهم لأنهم أذلوا أمة بعد عزها ، افقروها بعد غناها ، و أجهلوها بعد علمها ..
فمن يحنو على أناس انحنت ظهورهم من كثرة الاذلال ..؟
من يمسح دمعتهم ..؟
من يعيد اليهم عزهم ..؟
من يتق الله فيهم ..؟
من يحنو علينا ..؟
ومن يحنو عليك يا مصر.

                                                                تمت بحمد الله