الجمعة، 8 أبريل 2011

اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش

اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش ..
 مبدأ الشعوب المغلوبة على أمرها ، الناس الغلابة ، و الأشخاص الانهزاميين ..
أو بمعنى أدق الشعب المصرى ..
عندما تسأله عن التغيير فى أى شئ يرد عليك بالرد التقليدى  يا سيدى اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش ..
أما عند من يريد أن يتقدم و يتطور و يرتقى تجد مبدأ الهدف و كيفية تحقيقه أى عكس ما عندنا ، و هنا نأتى لمقارنة بين المبدأين ..
عندنا المبدأ الأول هو أهم مبدأ فى حياتنا و من أمثلة ذلك أننا لا نغير ملابسنا حتى تبلى ، لا نغير سيارتنا حتى نموت و هى تورث الأجيال تلو الأجيال ، لا نغير الطريق الذى نسير فيه عادة عند الذهاب و الإياب خوفا من أن تصدمنا سيارة أو نقع فى بالوعة أو حتى يظهر لنا العفريت ..
لا نغير منازلنا التى نقطن بها إذا تيسر لنا الحال لا لشئ إلا للبركة التى بالمكان ..
 أى بركة تلك ..
صدقونى لا أعرف , حتى القلم الذى نكتب به لا نغير نوعه إذا أعجبنا و نظل نبحث عنه , و إذا قيل لنا أن المصنع الذى ينتجه قد توقف عن إنتاجه نتشاءم و نبتئس و نتساءل بماذا سنكتب أو نقول ياه هل سنبحث عن جديد ما اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش وقس على ذلك باقى الأنماط فى حياتنا و فى عملنا ، و اسمح لى عزيزى القارئ أن أسرد لك تجربة شخصية عن هذا المبدأ اللعين  ..
كنت فى عملى أعمل بأحد الأقسام التى بها دوما الجديد , و لابد أن تقرأ و تطالع و تحدث لكى تظل محتفظا بمكانتك و أن ترتقى , و عندما نقلت من هذا القسم إلى قسم جديد وجدت أن المكان يحتاج إلى التغيير و لتجديد الفكر حتى يتواكب مع متطلبات العصر الذى نعيشه و لى صديق يعمل بهذا القسم و عندما فاتحته برغبتى فى التجديد قال لى  " يا سيدى اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش و أهى ماشيه " فتملكنى الغضب من ذلك الصديق العزيز و أصررت على التغيير و بالفعل قمنا بالتغيير شكلا و مضمونا و للمصادفة واكب التغيير و جود مسابقة لتقييم الأداء و كان التطوير الذى أحدثنا محل إعجاب و تقدير من الجميع ..
و أعجب الصديق العمل , و سار الركب حتى انخفض معدل الأداء بعد فترة فطرحت فكرة أخرى للتغيير فقيل لى مثل ما سبق ..
و هنا انفجرت بهم غاضبا بصديقى و باقى الزملاء الذين هم مرؤوسين لى , و أخبرتهم أن العمل سيسير فمن يريد العمل فليبقى و من لا يريد فليتركه ، و سوف أجد من يشاركنى التغيير ..
فكانت الشرارة التى أشعلتهم و جاء التطوير هذه المرة مذهلا عن سابقتها و شهد له الجميع الغريم قبل الصديق , و عندها جلسنا سويا نناقش ما قيل عن فكرة التطوير و ما تم و النتيجة العائدة علينا من التطوير فكان رأى الجميع  " و الله إحنا عملنا حاجة  محدش عملها قبل كده و مش موجودة فى أى مكان تانى " و هنا أمسكت بهذا الجزء من الحديث و قلت و ذلك لأننا تخلينا عن المبدأ الانهزامى و أخذنا بالمبدأ الايجابى ..
تخلينا عن الخوف من المجهول و أخذنا بالأسباب و توكلنا على الله فأكرمنا الله عز وجل ..
فرد أحدهم قائلا إن ما حدث هو مقامرة يا أصابت يا خابت و الحمد لله أصابت ..
فرددت عليه قائلا إن المغامرة و المقامرة لضدان مختلفان تماما ففى الأولى تأخذ بسبب فإن ربحت فنصر من الله وإن خسرت فالحمد لله هو نصر أيضا من الله لأنك تعلمت أن تأخذ بأسباب عدم خسارتك المرة القادمة أما الثانية فأنت لا تأخذ بأى سبب ..
إخوانى إن الفرق بيننا و بين غيرنا من الأمم هو أننا لا نتقدم للأمام بل نرجع إلى الخلف بظهورنا دون أن ندرى أن غيرنا يسير إلى الأمام و هو حاسب لخطواته منتبه لها يغيرها كيفما يشاء  فيطور و يتطور و يبتكر و يبدع ..
هذا هو الفرق بين المبدأ اللعين و مبدأ الهدف ..
إننا نتفق أن الثوابت هى ما أنزله الحق سبحانه و تعالى أما أفعال البشر فسهلة التغيير إما إلى الأحسن إذا تم التفكر و التدبر و إما إلى الأسوأ عند التخبط و تداخل الأهواء و المصالح الشخصية..
و اسمح لى عزيزى القارئ ببعض التساؤلات ..
هل فى تغيير نمط الحياة الذى نعيش به أى عيب طالما يتم فى حدود الدين , و الأخلاق..
لا..
هل فى تغيير مناهج التعليم إلى الأحدث أى عيب ..
ما الخراب الذى سيحدث عند تغييرها ..
لا شئ طالما أنه تغيير مدروس محسوب بدون أيه أهواء..
هل من إعمال العقل و الأخذ بالأسباب و التوكل على الله عز وجل و العمل على التغيير المدروس دون أن نقوم بالتقليد الأعمى لأناس سبقونا لا ندرى عنهم شيئا و لا نحن حتى عاصرناهم أى عيب ..
إذا ما المانع أن نفوز باللذة فى إيجاد الهدف و التغيير نحو الأفضل بعد الأخذ بالأسباب حتى و إن فشلنا فلقد نجحنا فى أننا أوجدنا السبب الذى يجعلنا نفشل و أن نقوم بتغييره حتى ننجح المرة القادمة ..
و فى إعتقادى الشخصى أنه فى كلتا الحالتين نجاح لأننا نفوز بالخبرات و التعلم للوصول إلى الهدف ..
عندما ننظر إلى أنفسنا و ننظر إلى من يحيط بنا من الدول نجد أنها تقدمت من حالها السيئ إلى حال أفضل وأصبحت فى سلم التطور و الحضارة أفضل من حضارة سبعة ألاف عام التى مازلنا حتى الآن نتغنى بها و نقول نحن أحفاد بناة الأهرام عجيبة الدنيا التى لا مثيل .. نحن المصريين ..
 نحن الحيوية و العزم و الهمة..
ألا عيب علينا ذلك الحمق و الجهل الذى نحن فيه أى عزم و أى همة أين نحن من هؤلاء الذين درسوا و ابتكروا و خططوا و نفذوا هذا هو الفوز باللذة ..
ثم نأتى نحن من بعدهم و نقول نحن أحفاد بناة الأهرام ..
و السؤال هو ماذا بنينا نحن ..؟
 بنينا اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش ..
بنينا إحنا اللى دهنوا الهواء دوكو ..
 بنينا سيبها لله و هل يرضى الله أن ينظر إلى الكسالى المتواكلون ..
هل يرضى الله أن نكون حمقى جهلاء نطرد علماؤنا إلى الخارج و نستورد الداعرات هل هذا ما قمنا ببنائه ..
الملاهى الليلية و أماكن اللهو و الفجور ..
ماذا بنينا بالمقارنة مع غيرنا من الدول العربية و الإفريقية و لن أذهب إلى العالم الذى يسبقنا بما يقرب من خمسة قرون من الزمان..
لقد بنينا الجشع و الطمع و الحقد و الحسد ..
 بنينا الذل و الهوان ..
بنينا الانهزام و الاستسلام , بنينا الأوهام بدلا من الأهرام ..
 عيب علينا أن نبنى الغش و الخداع و الزيف أن نبنى الفساد و نعليه و نعبده و نسجد له عيب علينا أن نبنى مارينا و السخنة و غيرها من المنتجعات السياحية دون أن ننظر إلى الطرق التى تؤدى إليها و نقول أنها مصدر الرزق و الطعام ..
 أى رزق هذا ..
أى طعام ذلك ، أن نترك ملايين الأفدنة الصالحة للزراعة صحراء جرداء لا نقوم بزراعتها و نقوم باستيراد القمح يعد أن كنا سلة الغلال التى تمد العالم بالطعام ..
أى عار هذا ..
فلنمت هذا أفضل من المبدأ الانهزامى الاستسلامى اللعين.


                                                                                                          تمت بحمد الله