الخميس، 24 ديسمبر 2009

السجين الحر

إن الجوع يمزق البطون شر ممزق..
 و أصبح الليل شديد السواد حالك لا ضياء فيه..
ظلمة كأنها ظلمات القبر الموحشة لقد أصبحت الأمور فعلا كأنها قبر موحش مظلم حتى العذاب لا يوجد به فهى أشد من أشد صنوف العذاب ..
كيف يمكن للجوعى أن يكونوا أحرارا ..
كيف يمكن للمقهورين أن يكونوا أحرارا..
إن القهر من أصعب الأمور التى يمكن أن نواجهها فالإنسان المقهور كيان ضعيف هش لا يقدر على فعل أى شئ ..
لا يا رفيق السجن..
لا أتفق معك فيما تقول فهو كيان ضعيف هش من الخارج و لكنه من الداخل كالبركان الخامد الذى ينتظر لحظة ثورته ، لكى يطلق الحمم التى بداخله فيحرق كل ظالم قاهر له مستعيدا بذلك حريته ..
أى حرية تلك التى تتحدث عنها و نحن فى غياهب السجن ..
لا ندرى فى أى يوم نحن ، و لا أين و لا متى سيسمح لنا أولئك الطغاة بالخروج ..
عندها يا صديقى يمكنك أن تطلق حممك البركانية من داخلك كيفما تشاء ..
إن الواقع الأليم الذى ترفض أن تعيشه هو أنك سجين و أننا نتحاور حوار زنزانة ..
و لكننى سجين حر يا رجل ..
مرة أخرى تقولها لى حر ..
أى حرية تلك..؟
حرية العقل يا رجل ..
إنهم يسجنون جسدى .. يكممون فمى ، و لكنهم لا يستطيعون سجن عقلى و تقييده صدقنى نحن الأحرار و هم السجناء..
و كيف ذلك يا فيلسوف السجن ..
لابد أن لوثة السجن أصابتك يا رجل ..
يبدو يا صديقى أنك سوف تغادرنا قريبا ، و لكن ليس إلى الحرية ..
إلى أين ..؟
إلى مستشفى الأمراض العقلية يا رجل لكى يسجن عقلك أيضا ..
يا لك من رجل أحمق و حتى و إن غادرتك إلى مستشفى الأمراض العقلية فأنا سجين بجسدى و ليس بعقلى و عندها سأجد من يستمع و يتحدث إلى .. سآخذ بالحكمة من أفواه المجانين ..
استمع إلى يا رجل و ستعرف أننا الأحرار و هم السجناء..
كلى آذان صاغية يا ..
فيلسوف السجن ..
يا رفيق السجن إنهم سجناء سلطانهم و عروشهم التى يسحقون أى شئ فى سبيلها  متناسين أن الدوام لله له وحده عز وجل و أن الأشياء إن كانت إلى دوام فقد كانت تدوم إلى من سبقهم ، إنهم حمقى كافرون سجنوا أنفسهم فى سجون السلطة ، المال ، و الجشع ، فى سجون الظلم و القهر و العدوان سجنوا السجناء و الأحرار ..
لحظة يا فيلسوف كيف يمكن سجن السجناء..؟
حان دورى لأسخر منك أيها الأحمق ..
انك من أقصد بسجنهم السجناء..
فأنت سجين محدودية فكرك ..
سجين لفكرة السير بداخل الحائط و ليس بجواره ..
و ماذا جلب إليك ذلك ..؟
أصبحت سجين معتقلاتهم ، و أنت تسير بالشارع صدفة ..
فأصبح ينطبق عليك وصف سجن السجين ..
نظر إليه بدهشة ..
أى قول هذا يا رجل ..
كيف تحلل الأمور لهذه الدرجة ..
و لكن أعترف أن معك حق فيما تقول فلقد كنت سجين أفكارى البالية أن الحكومة هى أمنا و أننا لا ينبغى أن نخالفها أو نعترض عليها..  فهى ترى الأصلح لنا و تعلمنا و تربينا و بيدها لقمة عيشنا و أننا يجب أن نسير بداخل الحائط و ليس بجواره حتى لا يصبينا مكروه ، و لكن الحائط تهدم على رأسى ..
لكن أنا لست الوحيد الذى يعيش سجين هذا الفكر البالى ..
هناك العشرات .. بل مئات الآلاف من السجناء الأحرار الذين يعيشون أحرارا و لكنهم سجناء فكرهم الأخرق البالى ..
إن الظلم لا يفرق بين أمثالك و أمثالى بل يقوم بفرم الجميع من أجل أن يستمر و يعيش ..
ياه..
أخيرا فهمت..
لقد كنت أظن أنك لن تفهم أبدا..
يا صاحب السجن..
لقد حان الوقت لكى نضع نهاية الظلم ..
لكى ينهض الشرفاء ليدافعوا عن أنفسهم و حريتهم ..
يدافعوا عن وطنهم الذى يباع تحت أسماعهم و أبصارهم ..
حان الوقت لبذل الغالى و النفيس ..
بذل الأرواح و الدماء..
هذه هى الحرية ..
هذا هو العيش الكريم ..
إننا شعب حر ..
أناس أحرار..
إننا لسنا عبيدا لأحد سوى الله عز وجل ، و من يتوكل عليه فهو حسبه..
لابد أن نضع نهاية لذلك الطغيان ..
لذلك الظلم..
لذلك الفساد الذى استشرى بنا كأشد الأمراض فتكا ..
لابد لنا أن نهب و ننفض ذلك الوهن الذى أصابنا..
أن نستيقظ من تلك اللامبالاة و البلادة اللتان نجحوا فى زراعتهما فينا ..
هل علمت الآن من الحر..
الحر هو من يستطيع أن يفعل ما يقول و أن يقول ما يفعله ..
لابد أن ترد المظالم و يرفع الظلم ..
أما أولئك السجناء فلقد أصبح يومهم قريب ..
إنهم سوف يرون من صنوف العذاب ما لا يستطيع أحد أن يريهم إياها إلا الله عز وجل وحده ..
عندها نكون نحن أحرارا..
و تكون الحرية .
                                                                 تمت بحمد الله


الاثنين، 16 نوفمبر 2009

معبد الحب

أرسل البحر بخيوطه الفضية اللامعة لينير وجه تلك العذراء الجميلة التى جلست على شاطئ البحر فى إحدى ليالى الصيف الرائعة و رفعت رأسها إلى السماء لكى تنظر إلى القمر و تناجيه ..
حتى إنها لم تشعر باقترابى منها و وقوفى خلفها وهى تبثه أشجانها و حزنها على عدم شعور من تحبه بها, و ذلك على الرغم من المحاولات العديدة التى تقوم بها لجذب انتباهه..
بداية من النظرات التى هى أولى خطوات الحب و انتهاءَ بإرسال الورود له وذلك على اختلاف المواقف ..
فإن شعرت بالغيرة أرسلت إليه بوردة صفراء , و إن شعرت بشدة اشتياقى إليه أرسلت إليه بوردة حمراء , و عندما أريد أن أعلن له عن نقاء قلبه و طيبته أرسل إليه بوردة بيضاء..
ثم استرسلت فى مناجاتها للقمر قائلة لكنه يا قمرى معذور فلم أعلن له عن هذا الحب صراحة , لكنه كان لابد أن يفهم أليس كذلك..؟
يا قمرى كم حلمت من الأحلام الوردية على ضوئك اللامع فى هذه البقعة الهادئة من الشاطئ تلك البقعة التى أسميتها معبد الحب ..
كم كنت أشعر بالسعادة و أنت تداعبنى بنورك الفضى , كنت اشعر بها و كأنها أيدى حبيبى الذى لا يشعر بى ..
دلنى يا قمرى كيف أجعله يشعر بى ..
كيف يشعر بالشوق الذى يكاد يحرق أضلعى من شدته ..؟
أخبرنى..
ثم صمتت و أرسلت بنظرة طويلة من عينيها الساحرتين إلى داخل البحر , و كأنها تبحث عنه عن إجابة ..
و فى هذه الأثناء مر الوقت و أصبح القمر خلفنا فإذا بى اسمع شهقة منها و هى تلفت إلى فى سرعة و الدهشة تعلو وجهها و هى تقول أنت..
ساد الصمت بيننا لمدة لا أدرى أهى بالطويلة أم القصيرة حتى قطعت ذلك الصمت قائلة بارتباك وبصوت مختنق فى مزيج عجيب من الدهشة والفرحة منذ متى و أنت تقف هنا , و أى من حديثى للقمر سمعت و..
قاطعتها قائلا ..
حبيبتى الجميلة ..
فصاحت فى دهشة و هى تضع يديها على وجهها من الفرح ماذا..؟
أقول حبيبتى الجميلة ذات العينين الساحرتين و القلب النقى الطاهر ..
اننى أيضا أحبك منذ زمن طويل , و لكننى كنت أخشى ألا تشعرى  بى , و لم أكن أتوقع أن تكونين من ترسل الى الورود ..
صدقينى يا حبيبتى كثيرا ما سهرت مثلك أناجى البحر و القمر حتى رأيتك تأتين الليلة و سمعت حديثك ..
فى هذه الأثناء و أثناء نظرها لى بنظرة ساحرة تفيض بالحب و أنا أقف مواجها لها , إذ بالقمر يرسل بضوئه الفضى علينا ويلقى بظلالنا على الرمال الناعمة المبتلة و البحر يرسل بموجة شديدة تغمر قدمينا , و أيدينا تمتد لتتلاقيا فى لمسة حانية و تشتبك أصابعنا ..
و أفرغنا شوقنا فى حديث هامس باسم يفيض بالحب حتى انبلج نور الصباح و وقفنا نتأمل شروق الشمس و التى أخذت تداعبنا بأشعتها الحمراء ..
و أصبحت تلك البقعة الهادئة من الشاطئ معبدا لنا..
معبدنا للحب.
                                                                                                        تمت بحمد الله

الأربعاء، 4 نوفمبر 2009

اللذة

سنوات..
سنوات تمر..
و سنوات مرت..
حتى تجاوز عمرى الأربعين..
قضيت تلك السنوات من عمرى بلا هدف..
بلا هوية..
بلا إيمان..
كنت أسخر من كل عابد..
و أقول فى قرارة نفسى ..
كيف..؟
كيف يجد السلوى فى العبادة و يسمى نفسه عاشقاً..؟
أنا..
أنا العاشق..
عشقت من صنوف النساء..
عشقت صنوف الملذات..
ارتكبت جميع المحرمات فى نظرهم..
فلم أكن عابداً لكى تكون كل هذه الأشياء محرمة عندى ..
حتى إلتقيته..
كنت مسافراً..
تائهاً..
حائراً..
جائعاً..
و الأهم من ذلك مفلساً..
نعم..
و السبب فى ذلك عشقى الأثيم للنساء و الملذات , و الذى أوقعنى فى إحدى العاهرات التى سلبتنى كل شئ..
و لكنها كانت ذات فضل..
نعم..
ذات فضل فى أن أقابله..
ذلك الشيخ المهيب الطلعة..
يشع النور من وجهه بينما أنا و جهى مغبر..
و سألنى..
ما بك..؟
أجبته من فورى..
ضائع..
حائر..
تائه فى سنوات الضياع..
فتبسم و بدا كالبدر..
وقال..
ضائع..
عندى من يجدك..
حائر..
عندى من يهديك..
تائه..
عندى من يعيدك إلى الطريق..
دهشت..
بهت..
انعقد لسانى بداخل حلقى و لم تجد الكلمات مخرجا..
فتبسم مرة أخرى..
و هذه المرة أحسست بأنه النقاء..
انه دليلى إلى الطريق ..
فخرجت منى الكلمات هذه المرة وسألته قائلا..
دلنى إلى الطريق..
فاتسعت ابتسامته و أمرنى قائلا..
هيا قم معى إلى البيت..
سألته متعجباً..
و كيف تأخذنى إلى بيتك و أنت لا تعرفنى ..؟
أجابنى و ابتسامته تزداد اتساعاً..
انه ليس ببيتى ..
انه بيت الناس جميعاً..
بيت السكينة و الطمأنينة..
بيت الرضا و الراحة..
هيا..
هلم معى ندخل..
هيا..
اذهب و اغتسل , وائتنى لأرشدك إلى الطريق..
تعجبت قائلا..
أغتسل..
كيف..؟
ربت الشيخ على كتفى و أخبرنى ..
و ذهبت لأفعل..
و عدت..
عدت و أنا نظيف..
عدت و أنا هادئ النفس..
فاستقبلنى بابتسامته الساحرة ووجهه و ملابسه البيضاء اللذين يشعون نورا..
قم فصل لله ..
فأنت فى بيته..
عجبت..
كيف أصلى ..؟
و أنا لا أعرف ما هى الصلاة..
اننى مسلم اسماً و ليس فعلاً..
ربت الشيخ على كتفى مرة أخرى و أحسست هذه المرة أن ابتسامته علتها مسحة من الحزن , و قال لى ..
سأعلمك..
و علمنى..
و وجدتنى أذكر ما كنت قد نسيته و توارى وراء الملذات..
و صليت..
وبكيت..
ووجدت الطريق..
وجدت الهدف..
ما أحلاه..
و بادرته بالسؤال عقب انتهائى ..
هل لك أن تعلمنى..؟
فأجابنى بنعم..
و علمنى ..
و مكثت معه أتعلم..
و كلما تعلمت وجدت الطريق الأفضل..
وجدت اللذة الحقيقية التى كنت أسخر منها سابقاً..
ما أجمل أن تكون عاشقاً..
لله..
إحساس بالقوة..
إحساس بالراحة..
إحساس بالطمأنينة..
إحساس بالسكينة و الأمان..
ما أحلى أن تضيع سنوات الضياع..
و تبدأ سنوات الأمل..
مع الله.
                                                         تمت بحمد الله

السبت، 10 أكتوبر 2009

المجهول

إنها النهاية ..
نهاية الذل و الاستعباد و بداية عهد جديد من عهود الحرية ..
كثيرا ما قيلت تلك الكلمات عند نهاية عهد من عهود الاحتلال و بداية عهد جديد من عهود الحرية ..
ذلك ما دار برأس النقيب حسام و هو يلفظ أنفاسه الأخيرة على أرض سيناء إبان نهاية حرب أكتوبر..
مرت حياته أمام عينيه كشريط سينمائى , لقد ظل طيلة عمره يبحث عن شئ مجهول لا يدرى ما هو ..
يراه فى أعين الناس جميعا و فى جميع الأحداث من حوله ..
فى صباه لم تكن له علاقات كعلاقات الشباب بالفتيات بسبب ذلك ..
مجهول يخيفه بقدر ما هو يحبه..
عندما التحق بالكلية الحربية و تخرج منها مقاتلا فى جيش مصر زاد اقترانه بذلك المجهول ..
إحساس عجيب لا يدرى ما هو..
و لكنه أدرك الآن كنه ذلك المجهول , و استقبله بفرح شديد فلقد أدرك النهاية ..
نهاية المجهول الذى حيره طيلة أعوام عمره ولا رجعة منه..
انه شئ رائع أن يكون شهيدا ..
أن يكون بين يدى الله ..
و نطق الشهادة و ذهب..
ذهب بعد أن شارك فى تحرير جزء عزيز من أرض مصر ..
سيناء.

                                                    تمت بحمد الله

الخميس، 16 يوليو 2009

ليلة صيف

فى إحدى ليالى الصيف الحارة ، و التى تجعلك تشعر بالملل و الضيق , قررت أن أخرج و أبحث عنها لعلى أجد عندها السلوى ، و نسيان همومى ..
و بحثت عنها فى كل مكان ، و لم أجدها ، و طال بحثى ..
و أثناء ذلك علمت أنها موجودة بأحد الأماكن الغريب على مثلها التواجد به..
و ذهبت إلى هناك تقودنى قدماى المتعبتين من كثرة البحث , ووصلت إلى ذاك المكان الغريب ..
إنه فعلا مكان غريب ..
انه كقلعة ضخمة بداخلها قلاع أخرى كثيرة صغيرة ، تتصاعد منها أبخرة عجيبة ..
ووجدتها ..
نعم وجدتها تطل على من أعلى إحدى هذه القلاع..
ليست هى فقط بل ألاف غيرها ، و يا لها من مصادفة ..
و لكن ..
كيف..؟
كيف الوصول إليها فجدران تلك القلاع ملساء ، وعالية جداَ , و بعد تفكير عميق توصلت إلى الطريقة ..
و تسلقت الجدار الأملس لأصل إلى معشوقتى , و وصلت ..
و هممت بها أمسكها , و لكن عثرت قدماى فى جدار القلعة , و سقطت معها بداخل القلعة ..
سقطت أنا صراصيرو فى هوة عميقة بلا قرار ..
من أجل ماذا ..؟
من أجل حبة فول.

                                                               تمت بحمد الله

الثلاثاء، 14 أبريل 2009

الشئ

سيقتله..
سيقوم بتدميره ، و تمزيقه اربآ اربآ فور رؤيته إياه ..
كم كره هذا الشئ البغيض الذى كثيرا ما نغص عليه حياته و تسبب فى مصرع والده ..
لا بد من وضع حدا لهذا الشئ اللعين ..
دارت هذه الأفكار فى رأس حمدان وهو يتنقل بين داره و الجرن الخلفى طيلة الليل لها لعله يراه..
لقد اختفى ذلك الشئ اللعين فور أن قررت أن أتربص به ..
لا بد أنه يراقبنى ..
لا ريب أنه علم بذلك فى أعقاب شرائى للبندقية التى دفعت ثمنها من الأرض التى بعتها ..
هذا بالتأكيد ما حدث علم مثل ما علم الجميع ..
و لكن ما العمل ..؟
يجب أن أبحث عن وسيلة لإظهاره ..
هل أتحداه..؟
لا ..
لن يجدى ذلك نفعا فما إن أقف أمامه وجها لوجهه حتى يقوم بتمزيقى شر ممزق و لن أجد الوقت الكافى لعمل أى شئ ..
ما العمل إذن وظل حمدان ينتظر و يفكر حتى دوت تلك الصرخة التى شقت سكون الليل أتيه من ناحية الدار ..
إنها أمى لابد أن ذلك اللعين عاد ليقتل أمى ..
و لكن لا لن يحدث هذا سأقتله و أنقذ أمى و أنتقم لأبى و اندفع يجرى تجاه الدار ..
و فجأة تسمر حمدان مكانه فقد كان يقف أمامه وجها لوجه لأول مرة وأخذ يتأمله انه ذو هيئة عجيبة لا يستطيع أنة يصفها فهى مزيج من الإنسان و بعض الحيوانات ..
لابد أنه من الجن ..
هذا أكيد فهم وحدهم القادرون على فعل مثل تلك الأفعال ..
ماذا دهانى يجب أن أقتله..
تحرك ذلك الشئ ببطء و هو ينظر لحمدان بعينين براقتين قائلا سأكمل انتقامى و أقتلك أنت و أمك تحدث الشئ بلغة غريبة لا يدرى حمدان ما هى و لكنه فهم ماذا يقول كيف هذا ماذا يحدث من أنت ..
و انقض الشئ انقضاضة مفاجئة على حمدان الذى صرخ صرخة هائلة من الفزع و أطلق النار و سقط الاثنان أرضا وهنا أدرك تلك الحقيقة المرة انه أيضا شئ أخر ..
أمه التى أطلقت عليه النار هى أيضا شئ أخر مخيف بشع سيقتله أيضا ، و أطلق النار للمرة الأخيرة و أسلم الروح ..
تجمع أهل القرية حول دار حمدان و تأملوا الجثث الثلاث ، و هم يرددون مسكين يا حمدان أنت و أمك لقد قضت عليكما العفاريت .. 
إن هذا المكان ملعون و يجب إحراقه ..
و اندلعت النيران بعد أن قهر حمدان الشئ الذى لم يعلم عنه سوى أنه مخيف ..
مخيف ..
و فجأة دوت صرخة هائلة أيقظت كل من بالمنزل و هرع الجميع الى حجرة حمدان الذى و جدوه جالسا على فراشه ، و هو يتمم ببعض آيات القرأن الكريم و عندما سألوه عما به أجابهم قائلا ..
إنه كابوس ..
كابوس مرعب ..
كابوس اسمه الشئ.

                                                              تمت بحمد الله

الخميس، 26 مارس 2009

حلم ليلة شتاء


هطلت الأمطار بغزارة شديدة فى تلك الليلاء من ليالى الشتاء القارصة البرودة و التى جاءت مصاحبة لعاصفة رعدية لم تشهد البلاد مثيلا لها من قبل..
و قبع الناس جميعا فى بيوتهم ، فما من عاقل أو حتى مجنون يستطيع الخروج فى هذا الجو الرهيب أو حتى يغامر بالنظر من خلف زجاج نافذته..
إلا هو..
حازم..
وقف حازم يتأمل تلك العاصفة الرعدية و الصواعق الكهربية ، و التى اشتركت مع ضوء البرق و ظلمة الليل الحالكة فى صنع صورة من صور الرعب المجسم المخيف , التى تخيف أشجع الشجعان إلا هو ..
فقد وقف يتأمل ذلك فى مزيج من النشوة و القسوة ..
مزيج عجيب قلما يتولد فى قلب أحد خاصة فى تلك الليلة ..
طالما راوده الأمل فى أن يكون لديه مثل هذا الإحساس إلا إنه لم يحدث ..
فقد كان طيلة عمره جبانا ضعيف الشخصية يهاب المشاكل..
ويهاب كل من هو أقوى منه و يتحاشاه..
حتى و إن تسبب ذلك فى إهانته و ضياع حقه و كرامته ..
كان يهاب المواجهة و يخشاها كخشية الموت أو أشد..
حتى جاءت اللحظة..
اللحظة التى انتظرها طيلة أعوام عمره ..
لحظة التغلب على الضعف و الهوان ..
لحظة المواجهة التى ستجعل منه إنسانا مهابا لا يجرؤ أى كائن على مواجهته أو عصيان أوامره ..
و فعل ما خشى طيلة عمره أن يفعله ..
و خرج من بيته..
وأدرك أنه شجاع مهاب لا يخشى أى شئ أخر و يخشاه الناس ..
فمن العاقل الذى سيجرؤ على الخروج فى مثل هذا الجو الرهيب ، وقف وهو منتشى سعيد بهذا الانتصار الجبار الذى حققه..
حتى..
أصابته تلك الصاعقة التى هوت عليه من عل و لم تتركه إلا و هو كتلة متفحمة من اللحم البشرى ..
و انتفض جسده انتفاضة مفاجئة و عنيفة, و لكنه اكتشف الحقيقة..
الحقيقة الحلوة هذه المرة , و هى أنه كان يحلم ..
و أى حلم هذا..
انه حلم التغيير..
حلم تغيير الذات..
حلم ليلة شتاء.


                                                                                                              تمت بحمد الله