السبت، 17 سبتمبر 2011

الدموع الصامتة


جلست ارقب الطريق من خلف زجاج نافذة القطار ..
وهو ينهب الطريق من اقصى صعيد مصر الى شمالها و ألوان الزراعات الخضراء البديعة الممتزجة بزرقة مياه النيل الرقراقة التى تنساب فى مجرى النهر كأنها الفضة السائلة لوحة فنية بديعة ابدعها الخالق عز وجل..
أخذت انظر الى ذلك المنظر البديع و بداخلى حزن عميق ..
حزن لا ينتهى ..
احمله بداخل قلبى الكسير ..
فلقد ذكرتنى تلك اللوحة البديعة بحب مازال ينبض فى قلبى على الرغم من أن القصة التى تعبر عنه قد انتهت وولت الى حالها منذ شهور قلائل و لم اشعر بنفسى الا و دموعى تنساب على وجنتى و تغرق وجهى فى صمت تام و مطبق ، و أخذتنى رحلة الذكريات ..
بداية منذ رأيتها للمرة الأولى وعلى الرغم انى  لم اعرها أى اهتمام و لكنها توارت بقلبى حيث لم اكن اشعر نحوها بأية مشاعر حتى اشتعل حبها بقلبى فجأة ..
أدركت ساعتها انها هى الحياة ، هى الحب ..
لم اعد اطيق ان يمر يوم دون ان اراها و بذلت من أجل ذلك الجهد الوفير بعلمها و بدونه ..
حتى صارحتها بحبى..
و كانت المفاجأة لى انها تبادلنى نفس الشعور و صارت الحياة بالنسبة لى أجمل من السابق و اصبحنا نتقابل سويا و نمرح سويا و نعيش الحب الطاهر النقى البرئ ..
و توالت الايام و كبرنا و التحقنا بالجامعة و عندها ..
قررت ان اصارح أهلى بحبى لها و رغبتى فى الزواج منها ..
و بالفعل قمت بذلك ووجدت ترحابا شديدا من أهلى الذين قرروا ان يقوموا بخطبتها لى ..
و مضت الأمور على ما يرام وتمت الخطبة و كانت أجمل ايام حياتى و قضينا سويا فترة رائعة مليئة بالحب و المرح ..
بالآمال و الأحلام ..
حتى ..
فوجئت بها ذات يوم و هى تحدثنى على غير عادتها بطريقة غريبة لم أعهدها من قبل طالبة منى ان نبتعد لبرهة من الوقت حتى يستقر قلبها ..
فلقد أدركت فجأة أن مشاعرها نحوى لم تكتمل بعد و ان هناك جزء صغير سوف تصارحنى به عند اكتماله ..
حقيقة لم اخذ الأمر بالجدية الكافية ..
و اعتبرتها مرحلة الضيق التى تصيب المرء قبل دخوله الامتحان خاصة و اننا كنا فى السنة الاخيرة ..
و تركت الامور تسير بيننا بوتيرة هادئة حتى تخرجنا ..
و تسلمت عملى بصعيد مصر و اعتبرنا ان هذا الأمر فرصة جيدة لكلانا حتى نقوم بفحص مشاعرنا و اختبارها مستغلين فرصة ابتعادى معظم الوقت ..
لكن الأمور ساءت و أصبحت معاملتها لى جافة و عندما تساءلت بكت و قالت  انها لا تعلم و انها سوف تحاول اصلاح نفسها مرة أخرى ..
و بالفعل..
 نجحت فى اصلاح الأمور و استردت الحياة سابق بريقها و عدنا سويا كأفضل مما سبق و لكن لم يدم الأمر طويلا ..
 وعادت الأمور اسوأ مما كانت عليه..
 وعادت مرة أخرى الى نفس الأسلوب ..
الذى لم أرضى به هذه المرة ..
و اتخذت موقفا ايجابيا حاولت ان امحو به سلبيتى فى معالجة الموقف السابق لأنى شعرت انها تخفى امرا ما ..
ووصلت بنا الأمور الى طريق مسدود..
حيث قمت هذه المرة بالقطيعة أملا فى ان تصلح من شأنها ، و نصل الى قرار على ان أقوم بالاتصال بها بعد مهلة محددة ..
وسارت الأمور على هذا النحو ..
و بعد انتهاء المهلة حدثتها ، و فوجئت بها ترفض الاستمرار فى علاقتنا و ان كل منا قد انتهى بالنسبة الى الاخر ..
حاولت ان أثنيها عن هذا القرار لكنها رفضت قائلة ..
ارجوا منك ان تراجع افعالك و ستعرف من منا المخطئ..
كانت الصدمة شديدة جدا بالنسبة لى و تساءلت فى قرارة نفسى هل هذا هو الأمر الذى تخفيه ..
و قمت بمراجعة كافة أفعالى و أخذت الذكريات تمر أمام عينى كشريط سينمائى طيلة أيام عديدة كنت ادقق و أحقق فى كل كلمة ، و لفظ ، و فعل ..
و أدركت بعد فوت الأوان انها محقة ..
نعم محقة ..
فقبل ان تقوم هى بالتغير تجاهى كنت انا من بدأ بهذا التغير و لكننا لا نرى انفسنا احيانا كثيرة ..
لقد كنت اتعمد ان اتعامل كصديق أو زميل و نسيت أو تناسيت أنها قلبى ..
نعم ..
انها قلبى ..
بل هى أكثر من ذلك ..
انها حياتى ..
ولكننى للأسف اهملتها بحماقة ..
و حاولت الاصلاح و ذهبت اليها و لكنها قد أنهتنى من حياتها تمام و رفضت أى حوار بيننا ، و عدت اجر أذيال الخيبة ..
و احمل حطام قلبى ..
و أتذكر بين الحين و الحين ذلك الحب و تلك الأيام الجميلة و كيف اضعتها من يدى ..
و راودتنى الشكوك فيها .
و هيأ لى عقلى ان ذلك من أجل شخص اخر حتى فوجئت بخبر اليم ..
 بل ان اليم لا يستطيع وصف وقع ذلك الخبر على فلقد هبط على كالصاعقة ..
و انتزع منى روحى و قلبى فلقد وافتها المنية حزنا على ..
هل انا شخص معدوم لهذه الدرجة ..؟
هل كنت فعلا احبها أم انها اوهام صبا ..؟
و أصبحت أعيش حطام انسان ..
اعيش لحظات عصيبة قاسية ..
من شدة قسوتها لا تتمالك عينى نفسها و تنهال دموعها فى صمت و..
أفقت من ذكرياتى على يد زميلى الجالس بجوارى بالقطار و هو يهزنى متسائلا عما بى ..
فهو يتابعنى منذ فترة طويلة و انا شارد ودموعى تنهال رغما غنى ..
و اختلقت له حجة بأن عينى تعانى من حساسية بها تجعل دموعها تنساب عندما أقوم بالتركيز على شئ ما فترة طويلة ..
وواريت عنه و عن الجميع سر تلك الدموع التى تغرق وجهى كلما تذكرت ..
واريت تلك الدموع الصامتة.
                                                                        تمت بحمد الله 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق